حكي وهواجس

الشفيع علي الفكي

بينما هو منشغل مع أغنامه يسكت ثغاء تلك ويعلف تيسا لا حظ أن الشمس في قرصها الأحمر القاني الملتهب قد دنت نحو المغيب ، هش الأغنام ليعاود مسرعا الي سكنه تفرقت الأغنام بعضها ركض ناحية القرية والبعض الآخر توغل داخل وادي جبل الموتى تسلقت الأغنام الجبل وتسلل بعضها الي فتحات الكهوف والأهرامات التي تضم مومياوات لملوك فراعنة حكموا هذه البلاد لفترات طويلة ودفن كل منهم مع خيوله وذهبه ومقتنياته من صاع للشرب كان يستخدم وقارورة عطر وعقد من الذهب الخالص وعصاة من الياقوت ، سمع الراعي صوتا صادرا من أعماق الجبل لم يستطع أن يتبين من أي هرم خرج الصوت كان صوتا قويا اهتز له الجبل أخرج غنمك أيها الأرعن من قبورنا الا ترانا نرقد بسلام لماذا لا تهتم بأغنامك كيف تتركها لتتفرق ايدي سبا لتصطادها الذئاب القاصية أيها الكسول انتم شعب لا يستحق كل ما صنعناه له من امجاد واهرامات ومعابد وماخضناه من حروب كنا نراهن عليكم أمام ملوك الدنيا بأنكم ستطورون حضارتنا وستذرعون حولها جنات من اعناب ونخيل ورمان لكنكم ضيعتوها وجعلتوا قبورنا مرابط الحمير ومراتع للكلاب في موسم تزاوجها سمعت أحدكم يتحدث قرب الهرم السادس مع رفيق له كان يحرس هذه المقبرة قبل أن تطرده الحكومة دون مكافأة إنهاء الخدمة قال لصاحبه وهو يحاوره أن البلاد تعيش في ظلام دامس لم تعد لديها مايكفي من الكهرباء وغاز الطهي ووقود التدفئة تعطلت المصانع والمعاصر وتدهورت عملتكم واصل الصوت القادم من الجبل هل هذا صحيح ايها الراعي الكسول هل حقا وصلتم الي هذا الدرك الأسفل من العيش وفقدان كل شئ عندما مات جدنا الرابع ترك لنا حظارة عظيمة بدأنا من حيث انتهي وتمددت مملكتنا وخضنا حروبا ضد الجميع وانتصرنا وفرضنا إرادتنا أما أنتم الآن محض كسالي يعجزون حتي عن رعي الأغنام زاد الصوت من حدته وطلب من الراعي أن يصمت لانه يريد إرسال رسالة عبره الي الشعب في قريته والقري المجاورة قال بصوت جهوري قل للجميع أننا متضايقون مما أنتم فيه من حال ونطالبكم بالنهوض والا ستجتمع ارواح ملوكنا وأرواح رماة الحدق وسنخلص هذا الحكم منكم ونطردكم خارج هذه البلاد لأربعين عاما وبعدها تعودا لتستكملوا حضارتكم اذهب وابلغهم بما تواثقنا عليه في اجتماع ارواحنا السابق عند معبد الإله الكبش سامنحكم ثلاث اسابيع لتقرروا هرب الراعي ناحية القرية مسرعا يصيح زملوه بالاغطية وذبحوا فدية لما مسه من شر الأرواح وعادوا الي الجبل برجالهم ونساءهم واطفالهم يعتذرون من حدودهم ويطالبوهم بالصفح .