بقلم/ متوكل سعدالدين (كولا)
لماذا نُعظم قصص الحُب والمِحبين و يؤلف في حقهم مقالات وقصص وروايات ويضرب بهم الأمثال؟… أهو وهم صنعته عقولنا، فصدقته، فعظمته، أم أنه حقيقة مطلقة يرفض عقلي الاعتراف بها؟
ولكن كل ما أعرفه عن ذاك الشعور المخيف الّذي يسمى (الحُب) أنه قادر على أن يقلب حياتك راسًا على عقب، ويهز اركانها هزاً، فيجعلها هشة، متهالكة، متهاوية ويحطمها ويحولها من نعيم الى جحيم. فقد يدخلك في صراع نفسي ومتاهات يصعب الخروج منها وأن صح القول لا مخرج منها سوى الهلاك.. الهلاك لا محالة؛ فهو كحيوان مفترس جائع، وأنَت كفريسة ضعيفة مغلوبة على امرها. فحين ينقض عليك لن يفلتك حتى تلفظ أخر أنفاسك بين يديه فيلتهمك بعدها، صدقني أن احتمال نجاتك ضئيلاً حتى أنه يكاد أن لا يرى بالعين المجردة.
في البداية سيدخل عقلك في معركة خاسرة، محاولاً التغلب على ذاك القلب الغشيم. ولا أدري لماذا؟ ولكن القلب يفوز دائمًا
فمهما أعددت من عدة سيجد قلبك طريقة ما ليتغلب بها على عقلك وبكل سهولة دون جهد أو عناء. فيتوقف بعدها عقلك تماما عن العمل كرجل طاعن في السن أحيل الى المعاش، فأصبح يجلس كل صباح على كرسي عفى عن الزمان ويتصفح صحيفة يومية منتظراً قبض روحه
هنا تكون لقد وقعت في الفخ وتم اصطيادك بنجاح وأصبحت تحت رحمة فك ذاك الحيوان المفترس (الحُب). هنا تبدأ حياتك بالتهلهل والتزعزع وتصبح أطرافها متهاوية متهالكة كعجوز ارهقة الزمن وأصبح بينه وبين القبر عضة باعوضة، ويعتمد على العقاقير للوقوف على رجليه
هنا تبدأ بربط سعادتك بشخص معين ولا تقوى على فعل شيء من دونه فإن غاب عنك أظلمت الدنيا في وجهك وأصبحت كئبة مريرة لا يطاق العيش فيها ويكون الموت أهون وأرحم من فراق ذاك الشخص. وإن حضر ابتهجت الدنيا وتفتحت لك ورودًا. فتصبح كمدمن الخمر فقد تبذل الغالي والنفيس في سبيل الحصول على نظرة فقط على من تحب. الم أقل لكم أنه فخ يؤدي إلى الهلاك لا محاله
وقد أثبت لنا التاريخ ذلك؛ فغيث أحب ليلى حتى ظن أن ليلى دواء لكل داء فلم تكن من نصيبه ففقد عقله وهام على وجهة في الصحراء حتى وجد ميتًا… عنترة بن شداد أحب أبنة عمه عبلة وأحبته ولكن لم يجتمعا تحت سقف واحد حتى قتل…هيا بنا لم أنتهي بعد هناك المزيد … جميل بثينة أحبها حتى كاد أن يفقد عقله ولم يحب غيرها حتى مات ولم يجنى من حبه هذا سوى ابدال أسم أبيه بإسمها فأصبح جميل بثينة…. روميو وجولييت تلك القصة العظيمة الّتي يعتبرها العشاق مثلاً أعلى لهم لم تكن نهايتها سعيدة، كل هؤلاء والكثير غيرهم وقعو في فخ ذاك المفترس الّذي لم تعرف الرحمة إلى قلبه طريقا، فأصبحوا وجبة سهلة الهضم فالمقبل على الحب كمن يدخل الى غابة ملئ بالحيوانات المفترسة الجائعة في ليلة ظلماء ظلامها دامس، فيقدم نفسه كوجبة فخمة على طبق من ذهب للمدعو الحُب
المزيد من الاحداث
مزاج قلم
الإدمان ما مخدر بس
إليك